تعاني جهة الشرق على غرار معظم جهات المملكة من ندرة المياه وتوالي سنوات الجفاف، ما جعل عددا من شباب المنطقة يفكرون في مشاريع مبتكرة لتوفير العلف للمواشي والشعير للسكان عبر اعتماد الاستنبات الاصطناعي.
ويعرف الاستنبات الاصطناعي بكونه عملية زرع تتم في غرفة مغلقة وتعتمد على التركيب الضوئي، بحيث يتم خلالها مراقبة درجة الحرارة والرطوبة اللازمة لكل نبتة من أجل توفير ظروف إنتاج ملائمة، وفق ما أكده الباحث الزراعي والأستاذ بالكلية متعددة التخصصات بجامعة محمد الأول بالناظور، كمال أبركاني.
اقتصاد الماء والأسمدة
وأكد أبركاني، في تصريح لـSNRTnews، أن هذه العملية تتميز باقتصاد حوالي 95 في المائة من الماء فضلا عن الاقتصاد في الأسمدة، مشيرا إلى أن عددا من المدن المغربية أصبحت تتبنى مشاريع تتعلق بالاستنبات الاصطناعي من أجل مواجهة إشكالية الجفاف.
وأوضح أن الاستنبات الاصطناعي للحبوب يسمح بالحصول على طن إلى طن نصف من الشعير المستعمل كتغذية للمواشي في اليوم، مبرزا أن هذه المشاريع أصبحت من أولويات وزارة الفلاحة والبحث الزراعي، بحيث يتم تخصيص دعم لمشاريع الشباب المندرجة في هذا الإطار ضمن مخطط الجيل الأخضر.
وفي ما يتعلق بتفاصيل المشروع الذي يعد الأول من نوعه بجهة الشرق، أوضح أبركاني، الذي واكب هذه العملية، أن المشروع يعود لمجموعة من الشباب في منطقة حاسي بركان التابعة لدوار إمباركن بإقليم الناظور، والذين قاموا بإنشاء تعاونية تسمى "تعاونية الشرق للمنتجات الفلاحية" في منطقة شبه جافة، واستفادوا، منذ حوالي 3 سنوات، من برنامج فرصة بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل تمويل المشروع.
وتابع أبركاني بأن هؤلاء الشباب تمكنوا مؤخرا من إنشاء غرفة مكونة من حوالي 60 متر مربع، وقاموا بالاستنبات الاصطناعي للشعير من أجل توفير العلف للمواشي، ونجحوا في الوصول إلى طن من الشعير في اليوم.
وأكد أن أهمية هذا المشروع تتزامن مع الارتفاع الكبير في أثمنة المواشي بسبب قلة العلف، مبرزا أنه من شأن هذه المشاريع توفير الأعلاف اللازمة وذلك في مساحات ضيقة (تتراوح بين 50 متر مربع إلى 100 متر مربع)، لافتا إلى أن هذه العملية ستسمح بالوصول إلى 500 طن في السنة من الإنتاج و200 هكتار سقوية، دون استعمال الأدوية ومع الاقتصاد في الماء.
تحقيق الأمن الغذائي
وبعد زيارة ميدانية قام بها خبراء من البحث الزراعي ومسؤولون بوزارة الفلاحية، الأحد 14 يوليوز 2024 للوحدة، أكد الباحث الزراعي أن هذه الوحدة الأولى من نوعها في جهة الشرق ستكون نموذجية بالنسبة للمشاريع الرامية لتحقيق الأمن الغذائي، خصوصا مع التراجع الكبير الذي تشهده حقينة السدود بالمنطقة، بحيث لم تعد تتجاوز، إلى حدود اليوم الاثنين 15 يوليوز، وفق أبركاني، 20 في المائة، مؤكدا أن هذه المشاريع من شأنها مساعدة الفلاحين على الخروج من أزمة الجفاف، والتقليل من تكلفة العلف الموجه للمواشي.
. وتابع أن المغرب يستورد الحبوب والعديد من المنتوجات التي يصعب زراعتها بسبب التغيرات المناخية، لهذا فهذه الغرف المخصصة للاستنبات الاصطناعي يمكنها المساعدة على التحكم في الإنتاج وتوفير محصول على مدار السنة.
وذهب إلى أن المعهد الوطني للبحث الزراعي يشتغل بشكل مستمر على هذه المشاريع ويواكبها، والتي تصل أحيانا تكاليفها إلى 50 مليون سنتيما، داعيا الجهات الوصية إلى تسريع وتيرتها وإيصالها للمزارعين والفلاحين، فضلا عن تخصيص دورات تكوينية لهؤلاء الفلاحين وحملات تحسيسية لتمكينهم من الانخراط فيها، مشيرا إلى أن العديد من المستثمرين في القطاع لا يعرفون أين يستثمرون في ظل وجود مشاريع واعدة للاستثمار.
وحول إمكانية تطوير مشروع جهة الشرق، أبرز الباحث الزراعي والأستاذ الجامعي الذي أشرف عليه بمعية مسؤولين بالقطاع الفلاحي، أن هذه العملية تستدعي تكثيف البحث العلمي التطبيقي لتطوير الإنتاج وتوفير حبوب ملائمة وتجربة الإضاءات الخاصة للرفع من الإنتاج ومن تركيز ثاني أوكسيد الكربون داخل غرف الاستنبات، فضلا عن دعم البرامج المندرجة ضمن الزراعة الحافظة المقاومة للجفاف والاحتباس الحراري.
المصدر: snrtnews.com